آخر الأخبار
الجريمة

السجن المؤبد للمدعوة(السيدة الأولى) لتمليكها المليشيا معلومات استراتيجية عن الجيش بالجزيرة.

عدم رفع الحصانة عن ضابط شرطة تسبب في عدم محاكمته في الدعوى.

بورتسودان :رقية يونس

(كان يدوها إعدام ويقطعوا رقبتها عديل … ) هكذا كانت الرؤى تتفق بين أوساط القانونين وبعض المواطنين داخل قاعة محكمة مكافحة الإرهاب بجنايات بورتسودان ومشاعر مختلجة بالغضب والأسى والراحة رسمت علي وجوههم  وذلك عندما قضت المحكمة بالسجن المؤبد (20) عام لسيدة من إحدى الخلايا  النائمة للمليشيا منذ القبض عليها بتاريخ (23 أبريل 2024م ) ، ادينت بإثارة الحرب ضد الدولة وتعاونها مع المليشيا وقامت بتمليك مستشار المليشيا المتمرد المعروف مجاهد محمد عمر، معلومات استراتيجية عن ارتكازات الجيش بمدني والتي سقطت بموجبها ونهبت ممتلكاتهم ومورس فيها أبشع الانتهاك للإنسانية.

تسليم شرطي لوحدته..
في المقابل أمرت المحكمة برئاسة القاضي المأمون الخواض الشيخ، في قرارها بتسليم المتهم الثاني ضابط برتبة ملازم شرطة في القضية أيضا إلى وحدته النظامية الإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية ولاية البحر الأحمر، وذلك لعدم رفع الحصانة عنه بشأن محاكمته بالقضية، وقررت أيضا تسليمه هاتفه المحمول.

كما قررت المحكمة أيضا في حكمها تسليم الإدارة النظامية التي يتبع لها المتهم الثاني صورة من مستندات الاتهام ضده في هذه الدعوى من بينات ومستندات ورقية وأخرى إلكترونية من فلاش وخلافه في حال استمرار الإجراءات ضده.

إثارة حرب و معاونة..
وأدانت المحكمة برئاسة قاضي الدرجة العامة المأمون الخواض الشيخ العقاد، المدانة الأولى بالمعاونة الجنائية لمخالفتها نص المادتين (26) و(51/أ) التي تتعلق بإثارة الحرب ضدالدولة وذلك من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م تعديل 2020م.

كما أمرت المحكمة أيضا في قرارها بمصادرة هاتف المدانة الأولى ماركة ( رديمي A2) ومبلغ مالي مايذيد عن (500) الف جنيه كان بحسابها المصرفي لصالح حكومة السودان.

معلومات استراتيجية..
ولتحديد المسئولية الجنائية للمدانة الأولى المدعوة (ش. م. م. ح) طرحت المحكمة سؤالا جوهريا بهل انها مؤيدة المليشيا في حربها ضد القوات المسلحة والدولة؟ وحينها أجابت المحكمة بكل اطمئنان بنعم وعزت ذلك إلى أنه وحسب البينات ثبت لها أن المدانة الأولى لاتنكر علاقتها بالمتهم الهارب مستشار المليشيا واحد قادتها الذين هاجموا ولاية الجزيرة واستولوا عليها واسقطوها بعد أن تعرفت عليه بواسطة (قوادة) معروفة بالحصاحيصا تدعي (ع) عرضت عليه صورتها واعجب بها وبدورها سافرت إليه المدانة الأولى من الحصاحيصا بالطريق الشرقي للخرطوم المعمورة وحينها آخبرها صراحة انه (دايروا معاها….) ، ولفتت المحكمة إلى أن البينات لديها لم تقف عند ذلك بل تبين لها ايضا بأن المدانة الأولى كشفت للمتهم الهارب المليشي بمعلومات استراتيجية عن ارتكازات الجيش وقتها بمنطقتي (الهلالية، وود راوة) حيث كانت الحرب في سطوة اشتعالها ، وذلك بعد أن أخبرها بأنهم سيدخلون مدني ويسقطو ها ويستولوا عليها.

جاسوسة وخلايا نائمة..
كما تسلسلت المحكمة في حيثيات قرارها بإدانة المدانة الأولى في القضية لثبوت أيضا بأنه وبعودة المدانة الأولى للحصاحيصا مرة أخرى قادمة من الخرطوم وضح جليا حمايتها بواسطة أفراد من المليشيا وملازمتها في حركتها في المنطقة حتى اطلق عليها لقب الملكة و(السيدة الأولى)، كما كشفت البينات بأن المتهم الهارب اخبرها وقتها  بأنه بصدد الهجوم على مدني واحضاره (مسيرات) من دولة الإمارات، وشددت المحكمة على أنه وبذلك تبين أن المدانة الأولى وبحسب شاهد اتهام يتبع لاستخبارات الجيش يتواجد بمنطقتها الحصاحيصا كانت إحدى ( الخلايا النائمة) تمد العدو المليشيا بمعلومات حول القوات المسلحة وتعمل جاسوسة لهم وللمتمردين مجاهد الهارب واخر يدعي جكوب بالحصاحيصا، فضلا عن إقامتها مع الهارب في شقة بشارع الدكاترة بالمنطقة .

حنكة الاستخبارات…
ونوهت المحكمة في قرارها إلى أن المدانة الأولى رصدتها الاستخبارات العسكرية تريد السفر ليوغندا عبر مطار بورتسودان لتلحق بالمتهم الهارب، ووقتها رسمت الاستخبارات لها خطة جعلتها تعتقد بأنها استطاعت الفرار من قبضتهم وذلك بتركها تعبر دون توقيفها بالحصاحيصا وكسلا وحتى دخولها بورتسودان ومن ثم القبض عليها والتحقيق معها وحينها بررت تواجدها مع المليشيا وتعاونها معهم لخوفها من اغتصابهم ابنتها ذو ال(14) ربيعا، وهنا شددت المحكمة على أن أقوال المدانة هذه وبالبينات مردودة عليها وتجافي واقع حقيقتها _لاسيما وأن المدانة الأولى طلبت الطلاق من زوجها الذي أنجبت منه (4) اطفال وذهبت برفقة احد المليشيا يقود لها العربة للمأذون زين العابدين بمنطقتهم لطلاقها لتتواجد مع المتهم الهارب ومن ثم حضرت لبورتسودان ليست مجبرة وإنما لتلحق به – لاسيما وأنه وبحسب مستندات الاتهام مقاطع صوتية حوالي (40) دردشة تبين بأنها والمتهم الهارب  على تواصل مع المتهم الثاني ضابط الشرطة لاخراجها من البلاد مقابل مبالغ مالية بالرغم من أن المتهم الثاني الشرطي يعلم بأنها متعاونة مع المليشيا والمتهم الهارب متمرد – وبالتالي انها كانت مؤيدة للدعم السريع وعلى علاقة بأحد قادتها في( الغرف المغلقة) وبل كشفت له عن معلومات عن الجيش وأصبحت السيدة الأولى بالحصاحيصا تجوب الأرض عرضا وطولا.

قصة الشرطي والمليشيا..
وفي ذات المنوال أشارت المحكمة في حكمها أيضا إلى أنه وحول المتهم الثاني ثبت لديها من مجريات الدعوى بأنه ضابط شرطة برتبة ملازم التحق بإلادارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية بولاية البحر الأحمر، وتبين بالبينات انه تواصل مع المتهم الهارب المتمرد المليشي بتقديم تسهيلات له بحكم وظيفته كشرطي واستخراج جوازات سفر له ولاشقائه واقرباءه بمقابل مالي، حيث أوضحت مستندات الاتهام إرسال المتهم الهارب له مبلغ (3) مليون جنيه لفك حجز عربته من قبضة استخبارات الديوم، بالإضافة إلى أنه ثبت للمحكمة مساعدة المتهم الثاني الضابط للمدانة الأولى في تخطي الارتكازات حتى وصولها لبورتسودان بحكم عمله الشرطي ويعلم انها مطلوبة للأجهزة الأمنية والذي هو واحدا منها، ونبهت المحكمة في حكمها بأنه وبعد القبض على المتهم الثاني الشرطي تم تسليمه بواسطة الخلية الأمنية ببورتسودان لوحدته المباحث الجنائية لأغراض التحقيق معه وحجزه إداريا.

رفض رفع الحصانة…

واسترسلت المحكمة في قرارها وأفادت بأنه وبتاريخ 10يونيو 2024م وجه ضابط الجنايات المتحري في الدعوى ملازم شرطة محمد عبدالله بشرى، برفع الحصانة عن المتهم الضابط عبر خطاب لوزير الداخلية آنذاك، توطئة للتحري معه، وحينها رفضت النيابة طلب المتحري برفع الحصانة عن المتهم الثاني بحجة أنه ووقت القبض عليه لم يكن أثناء أداء واجبه وعمله الرسمي، ونبهت المحكمة إلى أنه وبعدها سارت الإجراءات دون توجيه التهمة له أو رفع حصانته .

إشادة بالمتحري بشرى…
وهنا أوضحت المحكمة بأنه كان الأحري اخذ الأذن اللازم لفتح الدعوى في مواجهة المتهم الثاني -وبعد ذلك فإنه شرطي يستظل بظل المادة (45) من قانون الشرطة لعام 2008م التي تشير إلى عدم فتح بلاغ ضد شرطي الا بإذن وزير الداخلية، وبالتالي ينسحب على الدعوى بطلانها لأنه يتعلق بالنظام العام وبالتالي فإن المتهم الثاني شرطي يتمتع بحصانة إجرائية حتى وإن كان مؤيد للمليشيا لايمكن إدانته من مقتضيات مبدأ المحاكمة العادلة.

وخلال ذلك لم تغفل المحكمة في قرارها حول جهد التحري ومثابرته وصبره وتفانيه في جمع البينات لتقديم الدعاوي المختلفة أمام المحاكم لتصل للحكم المنشود العادل ،حيث امتدت المحكمة في هذه النقطة وسجلت إشادة بالمتحري في القضية ملازم شرطة محمد عبدالله بشرى، لتوجيهه برفع حصانة المتهم الثاني ضابط الشرطة لسير إجراءاتها – بالرغم من انه لم يعمل بها.

خيانة عظمى لوطنه ..
وفي خواتيم قرارها صاغت المحكمة برئاسة القاضي المأمون الخواض، مذكرة حول الحكم للمدانة الاولى والمتهم الثاني ابتدرتها قائلة : بأن المتهم الثاني ضابط الشرطة فشل في أداء واجبه في عدم قيامه بالقبض على المدانة الأولى وتسليمها للسلطات الأمنية المطلوبة لديها بل عاونها والمتهم الهارب المتمرد المليشي مما يعتبر خيانة عظمى لوطنه وأتباعه هوى نفسه بما يحدث ليلا.. وبعدها صمت قاضي المحكمة برهة ثم قال:( ويالها من مفارقة..).

كما تدين تدان…
وعلى هامش ذكرتها ايضا أشارت المحكمة  إلى أن المدانة الأولى ساعدت المليشيا بالدخول لولاية الجزيرة التي اذاقوا مواطنيها أشد أنواع العذاب ونهبوا ممتلكاتهم وتشريدهم، فضلا عن أنها لم تراعي العشرة الزوجية بينها وزوجها وطالبت بالطلاق منه لتكون مع احد قادات المليشيا ولم تراعي سن أطفالها الصغار مما يجعل المحكمة توقع عليها أشد العقوبات، حيث ردد قاضي المحكمة الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (البر لايبلي والاثم لاينسى والديان لايموت فكن كماشئت كما تدين تدان).

سلطات محكمة وردع..

وعقب إدانة المدانة الأولى في الدعوى هرع محامي دفاعها يصيغ على طاولة المحكمة أسباب لتخفيف الحكم عليها، باعتبار أنها ام لأطفال صغار، وان سجنها خطر عليها، إلى جانب استخدام المحكمة سلطاتها لتخفيف الحكم عنها وتحقيق الردع لها بأقل عقوبة.

المدانة متخابرة مع المليشيا..
ممثل الاتهام عن الحق العام وكيل النيابة لم يرق له ماخطه يراع ممثل الدفاع للمحكمة بتخفيف الحكم على موكلته المدانة، بل جاهر صراحة انه يختلف عنه جملة وتفصيلا والتمس من المحكمة أن تشدد الحكم عليها لعلاقتها المباشرة مع مستشار الدعم السريع الذي فصل الاتهام ضده في القضية واصبح هاربا بعد أن استقطبها للتخابر معه واعطاءه معلومات واحداثيات عن وجود الجيش في الجزيرة والذي كان سببا رئيسيا في سقوط مدني وتدمير بنيتها التحتية والممتلكات الخاصة وتشريد مواطنيها وادي لانتهاك وحرب ضد الإنسانية والدولة والإبادة الجماعية.

كلاكيت اول مرة. .
وبحسب تفاصيل البلاغ بأن المتهمة الأولى (ش. م. م. ح) وهي أم لأربعة أطفال تقيم في مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة وفي ايام الحرب تعرفت على سيدة (قوادة) بمدينتها وبدورها عرفتها على المتهم الهارب على ذمة هذه القضية مستشار بقوات مليشيا الدعم السريع المتمرد مجاهد محمد عمر، وانخرطت في علاقة معه وحينها أصبحت تحت حماية المليشيا بمنطقتها، فضلا عن أنها وبعد ذلك توجهت إلى الخرطوم في أشد وطأة الحرب بتمرد المليشيا على قوات الشعب المسلحة عبر الطريق الشرقي حتى وصولها إلى ضاحية المعمورة بالخرطوم برفقة السيدة القوادة وفتاة أخرى وحضورهن إلى منزل أمامه سيارة عسكرية تحرسه قوة تتبع للمليشيا ومنها انفصلت عن السيدتين الآخرتين داخل المنزل، حيث دلفت المتهمة الأولى إلى إحدى الغرف المغلقة بالمنزل و قابلها فيها المتمرد المتهم الهارب.

كلاكيت ثان مرة..
وكشفت التحريات بأن المتهمة الأولى وقتها قامت بتمليلك المتهم الهارب معلومات عسكرية حول تواجد ارتكاز الجيش بمدني وقراها المجاورة وذلك بغرض استيلاءهم عليها وبالفعل تم الاعتداء علي هذه الولاية ونهب ممتلكاتها لاحقا نتيجة ما أدلت به من معلومات وصفت بالاستراتيجية للمليشيا.

كلاكيت ثالث مرة..
عقب تلك الأحداث عادت المتهمة الأولى إلى مدينتها الحصاحيصا وأصبحت ذات مكانة فيها وشاع في اوساطها بأنها السيدة الأولى الملكة زوجة مستشار قوات المليشيا حيث كان يرافقها حرس يقود سيارة تتنقل بها.

كلاكيت رابع مرة..
وبعد حصار الجيش للخرطوم ومدني وتحريرها تبين بأن المتهم الهارب سافر إلى يوغندا عبر جنوب السودان، وطلب منها الحضور إليه وبالفعل سافرت المتهمة الأولى إلى بورتسودان بعد أن تعرفت علي  على المتهم الثاني ضابط شرطة بواسطة المتهم الهارب والسيدة القوادة وذلك لتسهيل إجراءات سفرها عبر المطار وعدم توقيفها، ونوهت التحريات إلى أنه وفي تلك الأثناء تَدوالت الوسائط المتعددة فيديوهات للمتهمة تشير خلالها بأنها متعاونة مؤيدة مع المليشيا ودب في جوف المتهمة الأولى الخوف والرعب وسارعت بكسر شريحة الاتصال خاصتها وظلت تتواصل مع المتهم الثاني ضابط الشرطةعن طريق هاتف زميلتها لاخراجها من بورتسودان.

كلاكيت خامس مرة..
في معرض كل ذلك تبين للمحكمة أن السلطات الأمنية في البلاد كانت للمتهمة الأولى بالمرصاد ووضعت خطة محكمة للايقاع بها َوتركتها تطمئن بمرورها بجميع الارتكازات وحتى وصولها مطار بورتسودان والشروع في إجراءات سفرها إلى أنه وقبل إقلاع طائرتها ألقت الخلية الأمنية القبض عليها واخضعتها للتحري واحالتها للمحاكمة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى