آخر الأخبار
المقالات

*هذا مقالي* *عبدالعال مكين* * يكتب**المبادرة الضائعة*

في بلاد تتناسل فيها الأزمات، وتذبل فيها الأحلام عند عتبة التنفيذ، تكثر المبادرات… لكنها، في أغلبها، لا تعمّر طويلا. تولد على ضوء خافت من الأمل، وتدفن تحت ركام الخلافات، أو تؤجل حتى إشعار آخر لا يأتي. هي مبادرات ضاعت بين النوايا الحسنة والواقع المرير، بين الطموح الصادق والتنازع على الأدوار.
كم من مبادرة ولدت بصدق النية، لكنها تاهت في دهاليز السياسة، أو ذبلت وذابت في حسابات من ظنوا أنفسهم أوصياء على الناس! وكم من فكرة كان يمكن أن تغير وجه الحياة، لكنها سقطت لأن لا أحد أراد أن يمضي بها إلى آخر الطريق!
يا هؤلاء من هنا نبدأ، والبدايات دائماً ما تكون قوية، يدفعها الحماس والصدق والإخلاص. وكم من تجربة جريئة أُطلقت في فضاء السياسة، ومرت بهدوء، ووضعت على منضدة مسطحة ومستوية، لتكون طوق نجاة لكل الناس.
فالحرب لم تكن نزهة، ولا لعبة، ولا مبارزة في ميادين السيرك؛ من يربح فيها ومن يخسر؟ إنها اللعبة القذرة التي لا يحتملها أي كائنٍ من كان.
ضعفت أحزابنا السياسية، وأصبحت مجرد مجموعات صغيرة وبيوتات؛ لا حول لها ولا قوة، ماذا تريد أن تفعل؟ ضاع صوتها، وضاع موقفها، وضاع برنامجها، وأصابها الخور والعجز والموت السريري.
يا هؤلاء، إننا اليوم أحوج ما نكون إلى مبادرة سديدة تنقذ البلاد من حرب لا ناقة لنا فيها ولا بعير.
نقول بصوت متحد ومتواثق: إن الحلول تأتي من عندنا، لا من غيرنا، ومن يظن أن الحرب يمكن أن تتوقف دون نداء أو مبادرة فهو واهم.
كم من مبادرة ضاعت بسوء تصرف، أو تعنت، أو تربص، أو بقصد، أو عمداً! على سبيل ذلك: مبادرة ملتقى جوبا للقوى السياسية 2010، مبادرة الحوار الوطني (الوثبة) 2014، مبادرة القاهرة للتسوية السياسية 2005، مبادرة نداء السودان 2014، مبادرة حمدوك لحل الأزمة الوطنية 2021، مبادرة جدة لوقف إطلاق النار بين الجيش والدعم السريع 2023.
وأخرى منها: مبادرة أبوجا للسلام في دارفور 2006، مبادرة جبهة شرق السودان للمصالحة 2004.
يا هؤلاء، أطلقوا المبادرات الجيدة، المتينة، القوية، التي تدهش الناس وتحمل بشريات حلول غاية في الروعة، وتبعث رسائل طمأنينة لكل أهل السودان، بأن بين أبنائها أناساً مخلصين لوطنهم، مستعدين لبذل حياتهم وكرامتهم فداءً له.
إذن، على كل الأحزاب السياسية، وعلى كل مهتم بالشأن العام، أن يرفعوا حرارة الإخلاص في قلوبهم، ويجددوا نياتهم، بأن ما يقومون به هو من أجل المواطن والوطن.
فتّكم بعافية
ألا هل بلّغت؟ اللهم فاشهد.

زر الذهاب إلى الأعلى