آخر الأخبار
الجريمة

سودان بوست تورد تفاصيل قرار محكمة خطيرة

المؤبد للمدير القطري لمنظمة الطوارئ الطبية الإيطالية بالخرطوم لاستغلاله وظيفته ومعاونة المليشيا

بورتسودان : رقية يونس

أصدرت المحكمة  امس (الخميس) حكما بالسجن المؤبد (20) عاما في مواجهة المدير القطري لمنظمة الطوارئ الطبية الإيطالية بالخرطوم،  لإستغلاله وظيفته المهنية بمشفي السلام للقلب بسوبا وتأييده مليشيا الدعم السريع .

وأدانت محكمة مكافحة الإرهاب بجنايات بورتسودان اليوم برئاسة القاضي المامون الخواض الشيخ، المنعقدة بالقاعة الكبري، المدان بمخالفة نص المادة (51) التي تتعلق بإثارة الحرب ضد الدولة من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991تعديل 2020م، وإدانته بالمعاونة الجنائية المنصوص عليها في مخالفة المادة (26)من ذات القانون، وامرت المحكمة بوضعه في السجن لقضاء عقوبته وذلك من تاريخ القبض عليه بتاريخ 6/4/ 2024 م.

فيما قررت المحكمة كذلك في حكمها بمصادرة الهاتف المحمول الخاص بالمدان الذي ضبط بها معروضات الاتهام لصالح حكومة السودان.

الطابور الخامس..

واشارت المحكمة في مذكرتها حول الحكم بأن جريمة المعاونة والتاييد وان لم تكون ملموسة تعتبر خطرا وليس ضررا ويستوجب ايضا توقيع أقصى العقوبات فيها لكل من تسول له نفسه بذلك لتحقيق الردع العام  – لاسيما وأن خطورتها تكمن في تعرض أمن البلاد القومي وسلامته للخطر و ينطلق منه مايسمون ب (الطابور الخامس) الذي يضر بالقوات المسلحة.

إدانة وعدم حياد..

وأوضحت المحكمة في حيثيات قرارها بأنه ثبت لديها مما لايدع مجالا للشك بالبينات الجازمة القاطعة، أن المدان عاون وايد قوات الدعم السريع المليشيا وفقد بموجبها مهنيته وحيادته الوظيفية، وذلك من خلال مستندات الاتهام التي دفع بها المتحري وهي عبارة عن (19) رسالة إلكترونية ضبطت متبادلة بين المدان وعدة أشخاص عبر تطبيق واتساب بهاتفه المحمول منهم كريمة شقيقه التي سافرت من الخرطوم إلى شندي بعيدا عن انتهاكات المليشيا وانتابها الخوف من وصولهم إليهم فيها_ بيد أن المدان عمها كان له رأي مخالف لها وهو يراسلها بالواتساب  بتأييده للمليشيا ويخبرها بأنهم أشخاص جيدون لايقومون بانتهاكات اغتصاب وغيره  و أمرها بالبقاء في شندي  لأن قوات الدعم السريع ستفتح الطريق من شندي للخرطوم.

،وأشار المدان كذلك حسب مستند اتهام مراسلاته مع احدي السيدات ويطالبها بعدم الخوف من الدعم السريع وان ماحدث في ولاية الجزيرة من انتهاكات يقوم بها الجيش وليس الدعم السريع ،فضلا عن ان الجيش ليس له سلاح وزوال جميع منسوبيه الا من المستنفرين الجدد.

الدعم للجيش السوداني…

كما أزاحت المحكمة في قرارها الستار عن مستند اتهام آخر عبارة عن دردشة بين المدير العام للمنظمة وهي طبيبة إيطالية الجنسية رفضت فيها انتهاكات الدعم السريع وتأييدها ودعمها للجيش السوداني وذلك بعد أن أخبرها المدان بامتلاك المليشيا للمسيرات.

كما تبين من خلال الرسائل ايضا تواصل المدان مع رئيس الاستخبارات بالمليشيا وبعض قادتها، فضلا عن العثور على صور لأفراد من المليشيا بهاتفه المحمول مكتوب  عليها عبارات تفيد بانهم يستجيبون لمناشدات العون الانساني للأطفال بمركز المايقوما بمدني. وشددت المحكمة الي انه وبموجب ذلك يدان المتهم باثارة الحرب ضد الدولة.

شاهدة المحكمة الوحيدة..

كما أشارت المحكمة في قرارها إلى أن البينة الوحيدة للاتهام كانت لشاهدة المحكمة وهي سكرتيرة المدان بمشفي السلام للقلب بسوبا التابع لمنظمة الطوارئ الطبية الإيطالية بالرغم من أنها لم تكن ملمة بكل التفاصيل حول فتح مركز طوارئ علاجي بالمشفي لاحقا وقت الحرب والقوانين والاتفاقيات التي استند عليها في تقديم العلاج لأفراد الدعم السريع  – الا انها في ذات الوقت كانت على تواصل مع ضباط بجهاز المخابرات والجيش وكانت تبلغهم بكل ما يجري من تصرفات مريبة وخطرة في المشفي وتواصل واجتماعات المدان مع افراد المليشيا، كما اشارت المحكمة  كذلك إلى أن الشاهدة افادت بأن المدان وفي احدي الاجتماعات بالمشفى وجه اتهاما للحكومة بقطع الكهرباء.

تبرئة واعتراف بقوانين دولية..

في غضون تلاواة المحكمة لحكمها أعلنت عن تبرئة ساحة اتهام المدان من إصداره قرارا بفتح مركز الطوارئ بمشفي السلام لأمراض القلب بسوبا التابع للمنظمة محل الاتهام من تلقاء نفسه وقت الحرب وعلاج افراد الدعم السريع فيه وذلك لمشروعيته وفق القانون ، وأرجعت ذلك إلى أن هيئة الدفاع عن المدان  استطاعت أن تقدم بينة تدحض بينة الاتهام حول ذلك، حيث تبين من خلال مستندات الدفاع  بأن عمل المشفي ومركز الطوارئ فيه تم بناءا على مذكرة تفاهم بينهم كمنظمة الطوارئ الطبية الإيطالية ووزارة الصحة الاتحادية، والتي من بين نصوصها فتح المشفي للطوارئ الطبية لكل الحالات المرضية والاصابات والطارئة وخلافه دون تمييز خاصة مصابي الحرب  ، إلى جانب تقديم خدماتها العلاجية الأساسية لامراض القلب،وبالتالي يجب الالتزام بتقديم الرعاية الصحية بغض النظر عن انتماءهم ،و نبهت المحكمة إلى أن السودان دولة تحترم القوانين الدولية والمنوطة بحقوق الإنسان وتكرس جل جهودها لذلك  ، فضلا عن التزامها بالمعاهدات الإنسانية الدولية والاقليمية والموقع عليها حسب النصوص  الواردة بمعاهدة جنيف الاربعة والتي منها أن يتم تقديم الخدمة الطبية العلاجية الطارئة وغيرها لكل الأشخاص دون تمييز او خلفية سوى في الحرب أو السلم، وبالتالي أن المحكمة تتوصل الي تبرئة المتهم َمن الاتهام اصدار قرارا بعلاجه قوات الدعم السريع من نفسه وانما ذلك حسب عمل المنظمة الذي يتبع  لها مركز الطوارئ بمشفي السلام للقلب بسوبا واستنادها لقانون حقوق الإنسان، كما اشارت المحكمة في المقابل بحيثيات قرارها إلى أن القضاء  أيضا ينفذ تلك القوانين المعترف بها بالبلاد_وبالتالي أن عمل المشفي في الحرب كان وفقا القانون وللقانون،علاواة علي أن شهود الدفاع من المنظمة والمدير العام للصحة العالمية أكدا بأن المتهم لا علاقة له بفتح المركز وانما يعود ذلك وفقا للاتفاقية بين وزارة الصحة والمنظمة بتقديم العلاج في الطوارئ للمصابين الحرب .

كما نبهت المحكمة في قرارها إلى عدم إثبات ادعاء الاتهام بحصول المدان كذلك من المليشيا على تانكر وقود من مصفى الجيلي لعمل المركز الذي يتم معالجة الدعم السريع فيها.

أسباب مخففة للحكم…
وعقب إدانة المحكمة المدان المدير القطري لمنظمة الطوارئ الطبية الإيطالية، على ذمة القضية دفع في المقابل  محاميه للدفاع  بأسباب مخففة للحكم عليه تتمثل في أنه يعول اسرتين ولديه (4) من الأبناء بمراحل تعليمية مختلفة ، بجانب  اعالته والديه الطاعنين في السن، إلى جانب التماس دفاعه من المحكمة أن تشفع له في قرارها أن المدان قدم خلال سنوات عمله بالمنظمة العديد من الخدمات اللوجستية والطبية لمواطنين البلاد والأجانب فيها.

أسباب مشددة للحكم…
في المقابل كان لهيئة الاتهام رايا مخالفا للدفاع وطالبت من المحكمة تشديد وتوقيع أقصي العقوبة على المدان وذلك لأنه تعاون وقام بتاييد المليشيا والتي تسببت في اندلاع الحرب بالبلاد ونتج عنها تدمير المباني والبنى التحتية والاستراتيجية في الدولة وشردت مواطنيها وارتكبت جرائم وانتهاكات ضدهم مخالفة للانسانية.

إشادة بالمتحري (كمبيوتر)…
على هامش إصدار الحكم في القضية أشاد قاضي المحكمة العامة بالمتحري في هذه الدعوي الجنائية مساعد شرطة أحمد حسن أحمد فضل الشهير ب(كمبيوتر ) وذلك لمجهوداته في جمع المعلومات حول القضية بمهنية عالية وتفان تبين حجم اجتهاده فيها، بجانب تقديمه مستندات اتهام تعتبر متميزة جعلت القضية تصل إلى حكمها الحالي .

فلاش باك القضية …

وكشفت المحكمة بأن المتهم المدير القطري لمنظمة الطوارئ الطبية الإيطالية وهي منظمة  لديها مشاريع بالسودان للعلاج المجاني منها مستشفي السلام لجراحة القلب بسوبا ، ونبهت المحكمة الي انه وعقب اندلاع الحرب وفي اسبوعها الأول قررت مدير عام المنظمة بايطاليا إغلاق المستشفي واجلاء جميع منسوبيها الاجانب عبر قاعدة وادي سيدنا العسكرية  والبالغ عددهم(40) شخص بينهم(6)فضلوا البقاء في السودان ، ونوهت المحكمة الي انه وبذلك اصبح المتهم مسئولا ومديرا قطريا للمنظمة والمشفي  وبتاريخ 20/يونيو/2023م تم إجراء تعديلات بمشفي سوبا للقلب باستحداث مركز لعلاج الطوارئ والاصابات وتم علاج الجرحي والمصابين من قوات الدعم السريع فيه ، ونوهت المحكمة الي انه وعندما اصبح غالبية متلقي الخدمة الطبية والعلاج من الدعم السريع تم استدعاء المتهم بواسطة الاستخبارات والاجهزة الأمنية عندما كان متواجدا بمدني والتحقيق معه حول ذلك ،واشارت الي ان السلطات الأمنية ايضا استدعت للمرة الثانية المتهم وامرته بإغلاق مركز الطوارئ والجراحة العامة للاصابات والعمل فقط في جراحة القلب ،وأوضحت المحكمة بأنه و بتاريخ 6/4/ 2024 م،توجه المتهم لبورتسودان والقي القبض عليه واخضاعه للتحري وفحص هاتفه المحمول بواسطة الإدارة الفنية وعثر بداخله علي خطاب يطلب فيه المدان من رئيس دائرة الاستخبارات بالدعم السريع  العقيد عيسي بشارة  ،التصديق له بتانكر وقود ليتم التصديق له بخطاب ممهور بتوقيع العميد أبشر جبريل بلايل ،والعقيد بشارة بالدعم السريع ، بتوفير (40) برميل لتر من الوقود والتزام المتهم في المقابل بسداد المبلغ كاملا .

فيما عثر كذلك بهاتفه علي دردشات واتساب مؤيدة للمليشيا، ليقبض عليه ويخضع للتحري حول ملابسات الواقعة وتقديمه للمحكمة التي ادانته فيها.

حضور منظمة الطوارئ الإيطالية…
الجدير بالذكر ان مديرة المنظمة للطوارئ الطبية الإيطالية كانت حضورا خلال جلسة النطق بالحكم بقاعة المحكمة وسمح القاضي لاثنين من مرافقيها ترجمة حيثيات الحكم لها للغة الإيطالية الناطقة بها، وعقب الفراغ من الحكم وافق علي طلبها بالجلوس لوقت محدد مع المدان المدير القطري لمنظمة الطوارئ الطبية وذلك قبيل ترحيله الي سجن بورتسودان القومي لقضاء عقوبته.

هيئتي الاتهام والدفاع..
الجدير بالذكر ان الاتهام عن الحق العام مثله اثنين من وكلاء النيابة، الي جانب تمثيل الاتهام عن الحق الخاص الرائد حقوقي الصديق حسن الصديق ، من القوات المسلحة  ، بالاضافة الي تمثيل الدفاع عن المدان المحاميان ابوبكر عوض عريبي ، وأحمد رمضان .

زر الذهاب إلى الأعلى